فهد سوريا - الجزء الثاني

فهد سوريا - الجزء الثاني

فهد سوريا - الجزء الثاني

By : Christa Salamandra


تدهورت علاقة المالح مع السلطات السورية بعد فيلمه شظايا، والذي يعتبره مخرجه نهاية مرحلة في حياته المهنية. حدث أمر محوري في عيد ميلاده في سبتمبر 1981. إذ فيما كان المخرج يقود سيارته بالقرب من وزارة الخارجية، أشار له حارس للتنحي جانباً للسماح لسيارة رسمية بالمرور. توقف المخرج، ولكن على ما يبدو ليس بالسرعة الكافية، فقام الحارس بضربه على رأسه بعقب بندقية. فقد المالح وعيه ليستيقظ على صوت اعتذار ضابط في مركز الشرطة. قرّر مغادرة سوريا وسافر إلى الولايات المتحدة على منحة فولبرايت، على الرغم من عدائه الطويل الأمد لسياسة البلد الخارجية. لقي المالح استقبالاً حاراً ومشجعاً في عدد من الأكاديميات. درس الإنتاج السينمائي في أوستن وجامعة كاليفورنيا، ولكن مدفوعاً بشوقه للإخراج، انضم إلى شركة إنتاج ليبية في جنيف في سويسرا وجدها باردة ثقافياً وعقيمة إبداعياً، "عالم بنوك ورجال الأعمال." أمضى المخرج وعائلته عقداً في اليونان، حيث أنتج نبيل أفلاماً للتلفزيون الليبي، بما في ذلك "وقائع حلم"، فكرة خيالية مُستوحاة من الماركسية تدور حول التقدم البشري متخيلاً مدينة فاضلة حرة. ألّف المالح خلال إقامته هذه في اليونان السيناريو لعمله الرئيسي التالي "الكومبارس" 

رسم المالح "الكومبارس" للإنتاج المصري متخيلاً النجوم نور الشريف ويسرا. ولكن في زيارة له لمروان حداد مدير المؤسسة العامة للسينما في دمشق، عرض عليه الأخير تمويلاً لتصوير الفيلم في سوريا مع الممثلين السوريين بسام كوسا وسمر سامي في الأدوار الاساسية، بدأ التصوير في دمشق في عام 1992 للفيلم الذي أصبح أفضل أعمال المالح وأشهرها خارج وطنه بل أصبح الفيلم أيضا أول عمل سينمائي السوري يحصد اهتماماً كبيراً. (1)

بصدوره عام 1993 عكس "الكومبارس" الهموم الاجتماعية والسياسية المحورية في عمل المالح. يصور الفيلم كفاح سالم، طالب في كلية الحقوق وعامل في محطة الغاز، وصديقته الأرملة الخياطة ندى، اللذان يقيمان علاقة رومانسية وسط هموم الظلم واللوم، واللذان لم يحظيا بأية خصوصية أثناء الخطوبة منذ ثمانية أشهر. استعار بطل الرواية الشاب، وهو ممثل طموح لديه فأفأة، شقة صديقه عادل للقاء محبوبته. تدور أحداث الفيلم بأكمله، باستثناء الافتتاح والختام، بين جدران باهتة لدار خانق، في رمزية للحالة السورية وربما العربية. أشارت اللقطات إلى الوجود الكئيب للشخصيات الرئيسية `: سالم يقوم بتلميع السيارات والتدرّب على أدوار قصيرة لمدير المسرح الذي ينسى أسماء الكومبارس؛ وندى في مصنع آلات الخياطة تتقاسم فناء منزل متواضع مع عائلة أخيها.

في أحد لقاءات الحب قال عادل أنه سيلتقي بأهل زوجة المستقبل، وهو على وشك الزواج، ولكن حنقه على الرذيلة صديقه. يقرع الباب غريب متأنق ويتّكِىء على عتبة ليطرح بإلحاح أسئلة مهذبة عن الجار المجاور. يتوقع سالم أنه عنصر مخابرات، الذي يشير إلى أنه التقى الممثل الهاوي. تغادر الشخصية المريبة، ويعتبر عادل أن الحدث لا يهمه، ولكن كلا الرجلين بات متوتراً.

يرتب سالم السرير وحيداً ومرقباً ويتخيل العنصر واثباً مع عشاق يتلوون تحت الغطاء. تقرع الباب بائعة متجولة، ولكنها تحتج عندما أعطاها سالم المال من دون أخذ بضائعها: "أنا لست متسولة". تصل ندى مهيجة في وقت متأخر، قلقة من أن يكون شقيقها قد لحظها لها وأن يكون الجيران أثناء صعودها الدرج قد شعروا بغرض الزيارة غير النزيه. حثها سالم على اعتبار الشقة "مساحة حرة" منفصلة عن العالم الخارجي. 

قطعت تخيلات سالم حول مداعبة ندى حديثهما الحرج. وعندما تعانقوا أخيراً، حطم الزجاج المتهاوي هجران ندى. طلبت مغادرة الشقة مذعورة من أن يفتضح أمرها. يقترح سالم تبادل عهود الزواج لقتل خوفهما. يتخلل سمعهم نغمات عود حزينة قادمة من بيت أحد الجيران من خلال الجدران الرقيقة. يتحدث سالم عن التمثيل ويلقي بضعة أسطر من أحدث اعماله، والذي يلعب سبعة أدوار مختلفة ولكن لا يتم ذكره في البرنامج. لم تذهب ندى أبداً الى المسرح. اعتلى سالم منصة وهمية جامعاً الستائر وأغطية غرفة المعيشة. مثل دور الحاكم الظالم الذي يرسل رعاياه المتمردة إلى السجن. اعترضت ندى على الظلم، ولكن قال لها سالم أن ليس لديهم خيار سوى لعب الأدوار المكتوبة. إنه لن يقبل الإهانة إذا حدثت في الواقع. ثم يقوم بتجسيد اثنين من أدواره الأخرى: حارس في السجن وعنصر مخابرات، شخصيات يحتاجها الحكام. تكره ندى هذه الشخصيات الجديدة وقالت: إنها تفضل أدواره الثانوية، والتي برغم صغرها إلا أنها تُمثِّل ناساً محترمين. يرى سالم أنه يجب أن يقبل هكذا أدوار من أجل تحقيق النجاح. ينوي المالح القولَ: إن كلّ سوري يواجه معضلة مشابهة.

 خطيبة عادل المحدث النعمة فجة وتُقحِم نفسها في كل شيء. إنها تغيظ الحبيبين، ولكنها تتعاطف معهما –لو كان لديهم المال لتزوجا، مثلها وعادل. تتركهما بمفردهما، فيضحكان وهما في طريقهما للسرير الذي تداعى على الفور. ولإصلاحه زحفوا تحت شبكة الإطار الحديدي، لاحظت ندى تشابه الشبكة مع قضبان السجن الذي يرزح خلف قضبانه الكثير من مواطنيهم. يقاطعُ جرس بعيد عناقاً آخر. 

تستعد ندى للمغادرة، ويعود العنصر المتأنق هذه المرة مع اثنين من قطاع الطرق يسأل عن زوّار الجيران المعتادين. يسحب المتوحشون عازف العود الأعمى الذي يتوسل طلباً للمساعدة. يحاول سالم التدخُّل ولكن أحد البلطجية يطرحه أرضاً ويأخذ العازف بعيداً. لا يستطيع الكومبارس التمثيل، يجعل الرعب أبكماً، حتى لتوسلات ندى التي تغادر الشقة وتنهار حين تبتعد عن مسامع سالم لتخرج خلسة من المبنى. في المشهد التالي يلحق بها سالم المحبط المُتخبِّط قبل أن يسير في الاتجاه المعاكس. تزحف صورة الكاميرا مُتسلّقة بناية سكنية ضخمة.

قد يكون الكومبارس عمل المالح أو العمل السينمائي السوري الأكثر تجسيداً وإدانة لسياسة البعث البوليسية. يصل انتقاد الفيلم إلى أبعد من النخبة السياسية، يتّهم الربط المبدع للعجز الجنسي والقمع السياسي المجتمع العربي والنظام الأبوي 

(Wedeen 1999, 116; Gugler 2011,129-130)

مهنة سالم هي الروي. الإرغام على التصرُّف ضدّ معتقدات المرء ورغباته يورط جميع السوريين في مسايرة للنظام. [2] ترثي ندى التي أجبرت وسالم على التصرُّف مثل اللصوص وسرقة وقت يمضيانه بمفردهما. حتى في هذا، لم يكونا مفلحين.. يوحي المالح أن سوريا لا تقدم لمواطنيها سوى أدوار صغيرة ليؤدوها في الخفاء؛ يتواطأ العديد ويُحاربوا الدولة ، ولكن يفشلوا في تحقيق المكاسب التي وعدوا.

بلغ فيلم الجماهير العالمية، ليكسب بطليه سمر سامي وبسام كوسا أعلى جوائز التمثيل في بينالي السينما العربية في باريس ويفوز المالح بجائزة أفضل مخرج في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي (Gugler 2011,131)، كما فاز في الجائزة الفضية في مهرجان ريميني السينمائي الدولي في عام 1995. وقد تمّ عرض فيلم الكومبارس لأول مرة في سورية صباح يوم جمعة كحدث صباحي ثانوي بدلاً من أن يكون مُنافساً في مهرجان دمشق السينمائي الدولي في عام 1995. يذكر المالح أن هذا هو أسعد يوم في حياته، اليوم الذي "كسر جليد المنفى الطويل." أحرج مسؤول من المهرجان الأخير، في زيارة لدمشق، السلطات السورية إلى عرض الكومبارس في سوريا، حيث انتصر الفيلم. ملأت الجماهير مسارح الكندي الحكوميّة الستة خلال عرض الفيلم لمدة أربعة أشهر .(Wedeen 1999,116)

في حين شهدت فترة التسعينات تحسناً طفيفاً في شروط الإنتاج الفني، إلا أن أمل أن التحرّر السياسي من شأنه أن يترافق مع الانفتاح الاقتصادي تبدّد في وقت مبكر من العقد. عندما سأل الصحفيون المالح لتقييم حال السينما العربية، أجاب: "إنها حالة العالم العربي عموماً: كتلة يحكمها قانون القصور الذاتي، يديرها اللصوص والمستفيدين والعشائر وأولئك الذين يحملون أجندة معارضة ومتناثرة، والمبدعين من الأفراد الذين لا يملكون المال، لا السلطة ولا السلاح، ولكنهم يجسدون المشروع الوطني ".

بقي التزام المالح تجاه سوريا وجمهورها ثابتاً، وانعكس في عمله التلفزيوني. مُتفرّداً بين صُنّاع السينما السورية، فقد أخرج عدة مسلسلات، لصناعة الدراما التلفزيونية في البلاد كأهم دراما عربية. فازت أعمال مثل "حالات" و"سري للغاية" بجوائز في مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون. وبعد إجراء بحوث مكثفة، كتب المالح سيناريو مسلسل "اسمهان"، السيرة الذاتية للمغنية السورية الأصل نجمة الشاشات المصرية اسمهان. أخرج العمل التونسي شوقي الماجري في عام 2008 وعُرِض على مختلف القنوات الفضائية العربية.

جلبت الألفية الجديدة الشباب بشار الأسد الذي تلقى تعليمه في بريطانيا إلى السلطة بعد وفاة والده في عام 2000. انضمّ صُنّاع الثقافة للعديد من السوريين في توقع حل الدولة البوليسية وظهور السياسة التشاركية. قاد المالح تشكيل لجان إحياء المجتمع المدني، التي اجتمعت في منزله في دمشق. شكّلت المنظمة واحدة من أبرز المنتديات الجديدة  في ما أصبح يعرف باسم ربيع دمشق، النقاشات الإصلاحية المزهرة الوجيزة التي ميزت الأشهر الأولى لتولي الرئيس الجديد منصبه. وانضم المالح، بكونه المُتحدِّث الرسمي باسم المجموعة المُثقفين البارزين لطرح المخاوف من زيادة الفقر والفساد والعسكرة وتنامي نفوذ الإسلام السلفي. وقّع أعضاء المُنتدى سلسلة من التصريحات التي تدعو إلى ذات إصلاحات ديمقراطية نفسها التي طالبت بها لاحقاً جماعات المعارضة عام 2011  مثل إلغاء قانون الطوارئ المستمر منذ أربعة عقود. وبعد أقل من عام، حدثت سلسلة جديدة من التدابير القمعية، بما في ذلك الاعتقالات الجماعية، لتعري ما اعتبره المعارضون الهدف الحقيقي وهو تحديد هوية المعارضين وإسكاتهم. وسرعان ما قام مدير المؤسسة العامة للسينما الجديد بتهميش المالح، جنباً إلى جنبٍ مع صنّاع السينما الآخرين في البلاد- عمر أميرالاي وأسامة محمد، ومحمد ملص - كمُنشقين. تلقّى أعضاء آخرين من هذا الفوج الدعم الأجنبي؛ واجه المالح قلّة في المال. اقترض المال لفيلم تلفزيوني وكان فيلم "غراميات نجلاء" اول فيلم ناطق باللغة العربية فيلم يصوّر رقمياً. بُثَّ على التلفزيون السوري، يستكشف هذا العمل انقلاب الحياة في قرية سورية خلال استضافة طاقم الدراما التلفزيونية. كما كتب سيناريو لفيلم سياسي عن هروب ضابط فاسد من بغداد عشية الغزو الأميركي Hunt Feast، الذي يعتبره المالح فيلم أحلامه صُوِّر عام 2005 كمشروع سوري بريطاني مشترك، لكن العمل بقي أسير معركة قضائية بين المُنتجين.

تمّ تكريم المالح في السنة التالية لمهرجان دبي السينمائي الدولي (الذي شمل المكرَّمين آخرين كالمخرج الأميركي أوليفر ستون ونجم بوليوود شاه روخ خان)، لمساهمته البارزة في السينما. ثم استقبل لجنة من الهيئة السورية لشؤون الأسرة وأنتج ستة عشر وثائقياً واثنان وخمسون "حلقة" للتلفزيون السوري تمّ حظر أغلبها على الفور. والجدير بالذكر أن من بينهم الأجزاء الثلاثة من الطريق إلى دمشق. هذه الرحلة الفوتوغرافية عبر سوريا تُنذر بالصراع الحالي بشكل خارق للطبيعة، وزيارة مناطق مُشقة وحرمان والتي وبعد سنوات قليلة ستثور في احتجاجات مناهضة للنظام. 

شكّل المالح رحلة الطريق مع افتتاح اصطلاحي من الفولكلور العربي "كان ياما كان أيام زمان" ليروي القصة الحقيقية الكاملة لأمة فاشلة. يرسم المالح مشاهد "المدن المنسية" والأطلال الأثرية في سوريا بالتوازي مع الدمار المعاصر الذي يجبر الكثير من المواطنين على التخلي عن المدن والقرى المحببة للبحث عن حياة أفضل في العاصمة. يسافر طاقم الفيلم الوثائقي عكس هذه الموجة البشرية. على الرغم من اختلاف اللهجات إلا أنّ حسرة السوريين هي إلى حدّ كبير واحدة: البطالة والاستغلال والتلوث والفساد. يطالب أكثرهم الدولة بالتحرك، ولكن صوت يشير مُتفرّد إلى وجود الفردية الليبرالية الجديدة: "ألا يكفي، كل الضغوط التي يواجهونها من الخارج"، تتساءل أمّ شابة لكثير من الأطفال "لماذا نلوم الحكومة على أخطائنا؟ " يندب مغنٍ في الخلفية: "لكل واحد قصة في القلب." تُوفّر السينما مقياساً: كان في إحدى القرى ذات مرة ثلاثة دور السينما، كلها قد أغلقت. مشاهد من الفقر، وأحلام الناس في تركها تلقى الإجابة لدى أولئك المهاجرين الذين أسسوا لسكن غير شرعي في ضواحي دمشق. على الرغم من أنها لم تصل للجماهير السورية، فقد كان عرض "الطريق إلى دمشق" الدولي الأول في Dox Box Global Day في مالمو في السويد في مارس 2012، وتم عرضه لاحقاً في أكاديمية ومنظمات غير ربحية مختلفة في أوروبا والولايات المتحدة.

مزج الفيلم ببراعة الصور والقصص ونسج حكايات شخصية وسياسية، ليعكس التزام صانعه لكشف حقيقة غير مريحة. كانت الأنظمة العربية والحكومات الأخرى أحسنت صنيعا لو أنها أصغت للرسالة القوية في "الطريق إلى دمشق". عندما أشار معظم زملائه إلى اللامبالاة الجماعية المتزايدة، كان المالح أحد قلّة من المثقفين العرب بالتنبؤ أربع سنوات مقدماً بالانتفاضة العارمة التي اجتاحت المنطقة عامي 2010 و 2011: "أعتقد أن شيئا ما - انفجاراً - سيحدُث، لأنه ليس من الممكن للإنسان أن يقبل العيش في هكذا ظروف لفترة أطول، على الأقل كانت هذه دروس التاريخ. سينبعث ضوء من هذه الفوضى والتلوث.. أنا أعلم أن هناك العديد مثلي في العالم العربي. ونحن نستمد قوتنا من مجرد معرفتنا أننا هنا، على قيد الحياة "(المالح 2006، 94)

[للجزء الأول اضغط/ي هنا وللنسخة الإنجليزية اضغط/ي هنا]

[ترجمه إلى العربية رفاه برهوم]

 

  • ALSO BY THIS AUTHOR

    • فهد سوريا - الجزء الأول

      فهد سوريا - الجزء الأول
      يُجّسد المُخرِج السوري نبيل المالح شخصية الفنان الناشط، المُنِتج الثقافيّ المُلتزم اجتماعياً والناشط سياسياً. تحدّى المالح بأعماله، على مدى عقود من إنتاج أنماط فنية مختلفة، الأنظمة الفنية والثقافية و
    • Syria’s Leopard (Part 2)

      Syria’s Leopard (Part 2)
      Maleh`s relationship with the Syrian authorities deteriorated after Fragments, which the director sees as the end of an era in his professional life. A pivotal incident occurred on his birthday in Se
    • Syria’s Leopard (Part 1)

      Syria’s Leopard (Part 1)
      Syrian filmmaker Nabil Maleh epitomizes the figure of the artist-activist, the socially committed and politically engaged cultural producer. Over decades of production and across genres, his work has

استراحة مخيّم: روايات من مخيم الرشيدية والبحر

لا نعرف الكثير حول سبب تواجد المخيمات الفلسطينية حيث هي اليوم. كما لا نعرف المسارات التي اتخذها سكانها من فلسطين إلى تلك المخيمات. كثيراً ما نظن أنّ اللاجئين، نقلوا عند وصولهم، مباشرة إلى الخيام التي أصبحت في وقت لاحق "مخيمات." انطلاقاً من أفكار حول اللجوء وسُبل كتابة تاريخ مغاير للمخيمات الفلسطينية في لبنان، عملنا في مجموعة الدكتافون على مشروع "استراحة مخيم" الذي تم تطويره بتكليف من مقر دار النمر للفن والثقافة في بيروت خلال فعاليات مهرجان قلنديا الدولي لعام 2016.

عملُنا في مجموعة الدكتافون هو مزيج من الفن الحيّ مع البحث المتعدد الحقول. يتشابك البحث والفن الحيّ منذ الفكرة الأولية للمشروع ثم أثناء تطويرها ولاحقاً في مشاركتها مع الناس. من هذا المنطلق وعلى غرار العديد من المشاريع الفنية التي تنجز مع مجتمعات محلية بدلاً من المشاغل الفنية، تكون منهجية المشروع بأهمية نتيجته.

اهتماماتنا الشخصية والفنية هي أن نبحث بأماكن مهمشة خارج مركزية العاصمة وأن نحكي عن علاقتنا وحقنا بالوصول للبحر والاستمتاع به كمكان عام مفتوح للجميع. في صيف ٢٠١٢ قدمنا مشروعاً كان عنوانه "هذا البحر لي" دعى الجمهور إلى رحلة بقارب صيد من ميناء عين المريسة الى دالية الروشة المتنازع عليها. كان المشروع عبارة عن رحلة على قارب يتوقف عند كل موقع على الشاطىء ليحكي قصته والقوانين التي ترعاه والتعديّات عليه وكيفية استعماله من قبل الناس. في عام ٢٠١٥، قدمنا مشروعاً بالاشتراك مع مجموعة شبابية وناشطة من مدينة صيدا تحت عنوان "مشي تَ دلّيك" حول علاقة سكان صيدا بالمساحات المشتركة والتغيّرات التي تطال مدينتهم من خلال التخطيطات والمشاريع التي تترك تغييراً جذرياً بالأحياء وبشكل خاص على شاطئ صيدا.

يستكمل "استراحة مخيم" اهتمامنا بالبحث في علاقة الأفراد والمجموعات بالبحر وبحيّزهم الطبيعي. المشروع هو عبارة عن تركيب فيديو قمنا بتطويره مع أربعة من سكان مخيم الرشيدية. صوّرنا مساراتهم اليومية من منازلهم باتجاه البحر حيث قادنا كل مُشارك ومُشاركة نحو المشهد الأخير ليختار مكان تواجده مع خلفية البحر. نسج هؤلاء، على طول الطريق، قصصاً عن تاريخ الأرض ووصولهم إلى المخيم وصراعهم للعمار والحياة اليومية في مخيم مفصول عن المدينة تحدّه حقول زراعية والبحر.

يُعرض هذا العمل في غرفة صغيرة حيث يجد الجمهور نفسه وسط أربع قصص تبرز كل واحدة منها على حائط في الغرفة. يبدأ التصوير في منزل كل واحد من المشاركين ثم ينتقل معهم في أزقة وشوارع المخيم حتى الوصول إلى البحر.

أملى تواجُدنا في مخيم الرشيدية في تلك الأيام المحددة نتيجة المشروع. اللقاءات التي أجريناها مع أناس مختلفين كنا قد التقيناهم عن قصد أو عن طريق الصدفة كشفت لنا فضاءات المخيم من خلال الحياة اليومية هناك. كزوار للمخيم، كان ملفتاً لنا التناقض بين انفتاح المكان على البحر والحقول الزراعية المجاورة مع مدخل المخيم الذي هو كناية عن نقطة تفتيش للجيش ونقاط المراقبة التي تضم حتى شاطئ البحر. وضّح هذا التناقض في المكان القمع الملثم والحرية الوهمية التي تعطى لسكان المخيم.

تاريخ الأرض والوصول إلى المخيم

"بحصار المخيمات، لولا البساتين كانت الناس ماتت من الجوع." هكذا يحكي سكان مخيم الرشيدية الذي يقع على الساحل اللبناني جنوب مدينة صور. مخيمٌ محاط بأراضٍ   زراعية وبساتين حمضيات، جميعها تُروى من قنوات مياه تاريخية مصدرها منطقة رأس العين.

يحتضن الموقع برك رأس العين لمياه الشفة، اثنان منها في تلة الرشيدية والتي تعد أحد أقدم العيون على الساحل اللبناني.1 كما تشكل منطقة رأس العين وتلة الرشيدية جزءاً أساسياً من "صور القديمة" التي امتدت على الساحل. سَكنها أهل صور قديماً لكثرة المياه فيها وإمكانية زراعتها، فيما تركوا صور التي نعرفها اليوم مكاناً للحكم والعبادة. يُروى أنّ اسكندر المقدوني هدم صور المبنية على تلة الرشيدية لأن الكاهن رفض إدخاله إلى المعبد. ما تبقى من صور القديمة هي قرية الرشيدية.2

خلال سنوات الانتداب الفرنسي، وهبت السلطات الفرنسية أراضٍ كثيرة في مدينة صور للوقف الكاثوليكي.3 من ضمن هذه الأراضي الموهوبة كانت أراضٍ  على تلة الرشيدية التي كانت تحوي كنيستين. هنا أنشأت السلطات الفرنسية في العام 1936 مخيماً لمئات اللاجئين الأرمن الفارين من المجازر في منطقة كيليكيا. وصول اللاجئين الأرمن تبعه بعد حوالي العقد من الزمن وصول اللاجئين الفلسطينيين. روَت لنا امرأة مسنّة من الرشيدية، أنها وصلت هي وعائلتها في البداية من شمال فلسطين إلى بلدة مارون الراس الجنوبية: "من مارون الراس رحنا على بنت جبيل ومن هونيك على البص بمدينة صور. لقانا القائم مقام. كان في قطار يوصل لهون. نطرناه. ركبنا فيه صوب سوريا. وصلنا على حما، لقينا سيارات أخدتنا على الجامع. كان في كتير فلسطينية، قعدنا ٧ أيام. جابوا سيارات وسألوا كل واحد شو بيشتغل وأخدوه على بلد يشتغل فيها. أبوي قال بده يروح على الشام. قالوله ممنوع. رحنا على حوران. رجعنا على الشام وبعدين حملنا حالنا ورجعنا على لبنان وقعدنا ببلدة تبنين لأن كان عنا قرايب فيها".

ولكن في العام 1950 أي بعد بضع سنوات من سكنهم في القرى الجنوبية - اتخذت السلطات اللبنانية قراراً بإجلاء الفلسطينيين القاطنين في القرى الجنوبية (تبنين والمنصوري والقليلة وبنت جبيل وغيرها) ونقلهم إلى مخيمات، من ضمنها مخيم أنشأته في محيط المخيم الأرمني القديم. كان عبارة عن شوادر. قام الأهالي بتثبيت الشوادر عبر بناء حيطان من طين وتراب. كانت الحمّامات مشتركة؛ حمام لكل ثمانية بيوت على بعد خمسين متراً من البيوت.

بعد مرور حوالي العقد على مجيىء الفلسطينيين، بدأ اللاجئون الأرمن بالرحيل وأخذ الفلسطينيون مكانهم". كان هناك 311 بيتاً أرمنياً، بقي منها 200 بيت. وهذا ما يُسمى اليوم بالمخيم القديم.

أما المخيم الجديد، فقامت ببنائه منظمة الأونروا في العام 1963 لإيواء اللاجئين الفلسطينيين الذين كانوا يسكنون في "ثكنة غورو" في بعلبك. قررت الحكومة اللبنانية إخلاء الثكنة، وتم بناء "المخيم الجديد" في الرشيدية على مقربة من "المخيم القديم". كان عبارة عن شبكة طرقات عمودية وأفقية، فيها وحدات سكنية، كل منها ذات مساحة 99 متر مربع تحتوي على ثلاث غرف وحمام وساحة. انتقل إليه سكان ثكنة غورو، بالإضافة إلى البعض الذي ترك المخيم القديم للسكن هنا. لكن الغرف كانت صغيرة والسقف منخفض جداً. مع الوقت، أغلبية العائلات هدمت هذه البيوت وعمرت بديلاً عنها.


على مر العقود، عمل جزء كبير من سكان الرشيدية في البساتين المحيطة، إمّا في الضمان الموسمي أو كعمال مياومين، واستفادوا بذلك من كثرة المياه في المنطقة. يشرح أبو حسين، أحد الأشخاص الذين عملنا معهم في هذا المشروع:
"لو ما عنّا ميّ بالمخيم ما كنا عشنا. عنا ميّ كتير ومن زمان: قنايا راس العين ونهرين وبرك. من البرك منضخ ميّ للخزان ومن الخزان للشبكة وبعدين للبيوت والأراضي الزراعية."

بعد العام 1969 وإعطاء الشرعية لوجود منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، عمل سكان الرشيدية في أراضي الجفتلك المحيطة بالمخيم من دون دفع رسوم الضمان. كل مزارع اختار أرضاً وزرعها وباتت عرفياً تعتبر ملكاً له. فأراضي الجفتلك ذات ملكية عامة، منها أملاك لوزارة المالية ومنها للتربية وأغلبيتها ملك للجمهورية اللبنانية. لكن زراعة أراضي الجفتلك اقتصرت على الحشائش: علت، فاصوليا، خس، بقدونس، كزبرة، فجل، وغيرها. وذلك، بسبب عدم ملكيتهم لهذه الأراضي، مُنعوا من زراعة الأشجار المثمرة فيها. فبحسب قانون الملكية اللبناني، من يزرع شجرة يملكها.

اليوم، تخضع هذه الأراضي الزراعية التي يتميّز بها المخيم لتحوّلات كثيرة بسبب معركة العمار بين أهالي المخيم والسلطات اللبنانية.

\"\"

معركة العمار

بسبب قربه إلى فلسطين وموقعه على الشاطىء، لطالما حمل البحر فدائيين من الرشيدية في قوارب إلى إسرائيل للقيام بعمليات عسكرية، فتعرّض المخيم لهجمات إسرائيلية عديدة، أبرزها في 1973، 1978، 1982 حيث تم تدمير 600 ملجأً ونزوح خمسة آلاف نسمة.4

بعد العام 1985، قامت الدولة اللبنانية بالسيطرة الكاملة على مداخل المخيم واقتصر دخول السكان على مدخل واحد يحرسه الجيش اللبناني. هذا الحصار يعيشه المخيم حتى اليوم، ويأخذ أشكالاً مختلفة. مُقيّد ضمن حدود واضحة والبحر، ليس بإمكان المخيم أن يتوّسع عمرانياً، إنما يحصل ذلك على حساب المساحات المشتركة، مثل ملعب كرة القدم وشاطىء البحر، وعلى حساب الأراضي الزراعية.

"أول ملعب فوتبول بالمخيم كان هون، بقلب المخيم. كان حلو لأن كنا نقعد على البرندات ونتفرج على الماتش ونشجعهم. بعدين صار المخيم يضيق علينا، وبلشت هالناس كل شوي تعمر على أرض الملعب. هلق بطل موجود. صار فيه بدل منه ثلاثة، بس كل واحد عملته منظمة. القديم ما كان محسوب على حدا. أهل المخيم هنني يللي عملوه." هكذا روَت منى، التي تسكن بالقرب من حيث كان ملعب كرة القدم الأول في المخيم. حدثتنا أيضاً عن بدء عمليات البناء في هذه الأيام على الأراضي الزراعية. "الطلب على البيوت عم يزيد، خصوصاً مع مجيء اللاجئين من سوريا. صار مربح أكثر الواحد يعمر ويأجر من أنه يزرع. شوفي حارة الكواكنة مثلاً، كانت زراعية واتعمرت. صاحب الأرض سوّرها من شي عشر سنين (وضع يد يعني) وصار يزرعها. من خمس سنين صار يعمّر فيها. يعمل غرف ويأجر للمهجرين السوريين. هو بالأساس عمّر الغرفتين استراحة. بس ما مشي حاله. أجرهم بعدين سكن. وكمان صار يبيع شقف أرض والناس تعمر." منى وغيرها كثر أيضاً حكوا عن شاطىء الرشيدية.

تعرّض شاطىء صور ومن ضمنه شاطئ الرشيدية الى عملية شفط الرمول خلال الحرب الأهلية. عرّض هذا البيوت المواجهة للبحر الى خطر الهدم والتلف بسبب الأمواج. يواجه سكان المخيم هذه المشكلة من خلال بناء جدار بين البيوت والواجهة البحرية باستخدام الردميات الناتجة عن عمليات حفر الطرقات. بالرغم من قباحتها، فهي حل مناسب لأنها لا تكلّفهم شيئاً سوى نقلها. سكان الواجهة الأمامية في معظم الأحيان هم الأفقر في المخيم. اختاروا السكن على الشاطىء لتدنّي سعر الأراضي فيه. روى لنا صاحب استراحة على البحر: "أهلي دوّروا على الرخص مش على البحر." كما شرح أن جزء كبير من بحر الرشيدية الآن عبارة عن ردميات مكدسة على طول الشاطىء، بالإضافة إلى نفايات يتم إلقاؤها في قنوات المياه التي تصب في البحر، ليعود الموج ويلقيها على الشاطىء. الأونروا لا تقوم بتنظيف الشاطىء. يقتصر عملها على تجميع النفايات من الحاويات الموّزعة في الأحياء، لترميها لاحقاً في المكب المتواجد على أطراف المخيم. يتم نقلها فيما بعد الى مكب في بلدة قانا، وذلك بعد أن تمّ إغلاق مكب راس العين الغير صحي والموازي للبحر في العام 2015.

معركة العمار أيضاً تعقدت بقرار الدولة اللبنانية منع إدخال مواد البناء إلى المخيم من دون الحصول على تصريح، مما يأخذ وقتاً طويلاً وفي معظم الأحيان لا يُمنح. يصف سكان المخيم. هذا المنع على أنّه تواطؤ بين المنظمات الفلسطينية وبين السلطات اللبنانية التي تعطي تراخيصاً فقط للنافذين في المخيم الذين بدورهم يبيعونه للسكان بأسعار مضاعفة. معركة العمار تطال مخيمات الجنوب كلها. آخرها كان خبر إصابة شخصين أحدهما شرطي في بلدية صور والآخر فلسطيني من سكان مخيم البصّ، على خلفية محاولة إدخال مواد بناء إلى المخيم من دون تصريح.

هذه الحكايات بالإضافة للكثير غيرها كان قد عبّر عنها المشاركون الأربعة في مشروع "استراحة مخيم." أردنا العمل على مادة بحثية تساهم بصياغة خطاب مختلف عن المخيمات الفلسطينية في لبنان.

المشاريع المجتمعية

المشاريع المجتمعية ليست ببسيطة. السياسات الأخلاقية للمشروع تكون من خلالها على المحك. كيف يمكننا أن نخلق فناً مع المجتمع المحلي وليس فقط عنه؟ كيف يمكننا تمثيل الناس بالطريقة التي هم يريدون أن يتم تمثيلهم بها مع الحفاظ على فكرة العمل الفني؟ هذه الأسئلة تصبح ملحة أكثر حين نتعامل مع مجتمع مهمش أرادت دولتنا أن تعطينا امتيازات عليه.

العمل مع مجتمع محليّ يعني أن نسمح للقاءات أن تحدث وللعمل الفني أن يتغيّر وللجدول الزمنيّ أن يتم تحويله وللقصص أن تُكتشف من خلال اكتشافنا للمكان. على سبيل المثال، كانت فكرتنا الفنية أن ندعو كل شخصية مشاركة في المشروع إلى أن تصمم المشهد الأخير في الفيديو وتختار خلفيتها مع البحر. في الواقع، لم يتجاوب أحد مع هذا الاقتراح لأسباب عديدة كإرادة الابتعاد عن النظرة الرومانسية للبحر والقرب الجغرافي من فلسطين.

العمل مع مجتمع محلي يعني أيضاً أن نبحث عن الأسباب الشخصية والسياسية وراء تقاسم هذه الحكايا معنا واحترام هذه الأسباب مع إبقاء مسافة نقدية في تعاطينا معها. تقول إحدى الشخصيات المشاركة إنّ غرضها من مشاركة الناس لقصة وصولها إلى المخيم وللعنف الذي كانت عائلتها ضحيته خلال حرب المخيمات مع أحزاب لبنانية أنّ على الفلسطينيين أن يروا قصصهم كي لا تموت معهم.

مثل العديد من مشاريع مجموعة الدكتافون، وجدنا أنّ سرد تاريخ المساحات هو مفتاح لفهم الحالة الراهنة للأمور. روايات الفلسطينيين الذين هُجروا إلى لبنان في عام 1948 تكشف عن وجود نقص في التنظيم من قبل الدولة اللبنانية التي نشهده حالياً مع اللاجئين السوريين الذين يصلون بأعداد كبيرة منذ عام 2011. تروي أم خليل وصولها إلى سوريا بعد أن توقفت مع عائلتها في لبنان وبالتالي أجبرتهم السلطات السورية العودة إلى لبنان إذ كان هو أول ميناء لوصولهم. اليوم تُعرف هذه الممارسة باسم «قانون دابلن» الذي ينص على ترحيل اللاجئين إلى أول ميناء حيث تم تسجيلهم في أوروبا بغض النظر عمّا يفضلون أو يخططون له.

نذكر من خلال هذا المشروع أن تجاهل آلام وخيارات الناس والعنصرية المتعمدة وشيطنة اللاجئين في القرى والمدن اللبنانية، والدعوات لتجميعهم في مخيمات يتم السيطرة عليها بسهولة وبالتالي الهجوم عليها بسهولة، ليس بشيء جديد. في حين أن العالم كله مشغول بمناقشة ما يسمونه أزمة اللاجئين، نأمل أن نتذكر أهمية الاستماع إلى أولئك الذين هم بأنفسهم في قلب هذه الأزمة. كما ونأمل أن نتذكر أن ترك الناس في طي النسيان مع موارد وحقوق قليلة ليس حلاً بل عدم وجود
أي حل.

 

لقراءة هذا المقال باللغة الانجليزية، اضغط/ي هنا


بحث وإدارة فنيّة وكتابة المقال: تانيا الخوري وعبير سقسوق
كاميرا: كرم غصين
مونتاج: علي بيضون
تصميم صوت: مجد الحموي
المشاركون: حسين الزيني وخديجة المصري وحسن عجاوي وزهراء فاعور

مصادر البحث
1 من تقرير عن برك رأس العين من إعداد "الجنوبيون الخضر"
2 جميع المعلومات عن صور القديمة استندت الى مقابلة قمنا بها مع المهندس والباحث نصر شرف الدين في حزيران 2016
3 من مقابلة قمنا بها مع المهندس والباحث نصر شرف الدين في حزيران 2016
4 Rebacco Roberts, Palestinians in Lebanon: Refugees Living with Long-Term Displacement, Journal of Refugee Studies (2011)24 (2): 416-417

- مقابلات مع سكان من مخيم الرشيدية
- صوَر جويّة وخرائط
- إفادات عقارية من الدوائر العقارية في مدينة صور
- مقابلات مع المهندس نصر شرف الدين والمهندس والباحث اسماعيل الشيخ حسن والمهندسة والباحثة لينا أبو رسلان
- تقرير الأونروا عن مخيم الرشيدية